صحوة............ ظلمةٌ حالكة ! ...
أُحاول أن أفتحُ عينايْ على آخرِ إتساعْ !
ولا أرى سوى الظلام المُطبّق هُنا !
وصمتٌ رهيبْ !! ... وكأنني في عالمٍ آخر !
أشعرُ بالإختناق ! ...
وكأنَ هذا المكانْ يكادُ أن يكونْ قد خلا من الأوكسجين !!
إنني لا أشمُ إلا رائحة شيءٌ يخنقْ !!
بعد ثواني معدودة ! .. أدركت بأنها رائحة التُرابْ !!
وبعد دقائقٍ قليلة ... عرفتُ بأنني في القبر !!!
إستجمعتُ قوايْ ... صرختُ بأعلى صوتي !!
ناديتْ ! ... رجوتُ أن يسمعني أحدْ !!!
وعندما أستسلمتْ أغمضتُ عيني وبدأت أتلو بصدري
كلُ ما أحفظه من آياتْ !! ...
ويا ويلتي على الكمْ القليل الذي أحفظه !!
هل سـ يقيني من العذابْ ؟
فتحتُ عيني عدة مرات وأغمضتُها بشدة
مُحاولاً أن أطردْ كلُ ذلك !! .. لكن بلا جدوى !!
أغمضتُ عيني من جديد أُحاول أن أسترجع بذاكرتي لـ الوراءْ !
تذكرتُ وجوهْ أبنائي ! ... زوجتي ! ... أمي ! ... أبي ! ... و أنا !!؟
لكنْ سرعانْ ما غابت وجوههم حينَما ذكرتْ شركتي ! ... وإستثماراتي الأخيرة الناجحة مع أفخم الشركات العالمية !!
تلكَ التي أخذتْ وقتي كُله ! ...
كنتُ أعيشْ في مكتبي !! ... لَمْ أرى أسرتي منذ أيامٍ عدة ! ...
دائماً أتعذر بالعمل ! ... وأيُ تذمّر أجدهُ من أبنائي أردَ عليه بـ نبرة غضب : أنا أفعلْ كُل ذلك من أجلكم !!!
أيُ أجلٍ ذلك ؟ ... ها هُو أجلي قد أنتهى ولَمْ أحضنُ أبنائي يوماً ! ... بلْ نسيتُ حتى أعمارهُمْ !!
مهلاً ! ... كيفَ كانت صلاتي ؟ ..... لقد هجرتُها منذ زمنٍ طويل !!
صيامي ؟ ... كلا !! ... لقد تعذرّت بمرض السُكر وبتُ أفطرُ كل سنة برغم أن طبيبي الخاص قدْ سمحَ لي بالصيام !!
ولَمْ أكنْ أخرجْ زكاة ! ... بلْ كنتُ أحتفظ بكل قرشْ وأسعى لـ المزيد والمزيد والمزيد !!
بكيتْ كـ الطفل لأولِ مرة !!
فجأة أشتقتَ لأمي !! ... في هذه اللحظة تمنيتْ أن تسمعني لـ تأتي وتضمني !!
بلْ تمنيتْ أن يسمعني أبي ! ... ويسامحني لأنني كنتُ عاقاً وأنوي أن أرميه في دار العجزة بعدَ أن أبيعَ بيتهُ العتيق !!
تحّول بُكائي إلى صُراخ .. ثُم إلى نحيبْ !
شعرتُ بأنني أهذي ! ... وبلا وعي كنتُ أردد :
أريدُ فرصةٌ أخرى !! ........
فرصةٌ أخرى !! .......
سـ أتغير 180 درجة !! ...
سـ أنخرْ ساجداً في كل فرضْ ! ...
سـ أكون خيّراً ! ...
فجأة تحولّت جدران التُراب التي كنتُ أشعر بها تُحاوطني إلى نيران !!!
فوقي نارٌ تقتربْ من وجهي .. يلفحْ لهيبها مساماتْ جلدي فـ أصرخْ وأتصببُ عرقاً !!
وتحتي نارٌ مُوقدة بدأت تأكلْ كفني ! ...
صرختُ بأعلى صوتي مُنادياً !! ...........
لكن بلا جدوى !!
بدأتُ أشمُ رائحة لحمي المُحترقْ ! ....
ألمٌ يفوقُ أيْ ألمٍ آخر !! .......
علا صُراخي ! ... أشتدَ نحيبي ! ...
فرصةٌ أخرى !! ... فرصةٌ أخرى !!!
سـ أصحو بها ! ...
سـ أصحو !!
سـ أصحو !!
وصحوتْ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
بـ وجهٍ يتصببُ عرقاً !! ... ونبضاتْ قلبٍ مُتسارعة !!
بينَما راح صدري يعلو ويهبطْ ! ...
- خيرٌ إن شاء الله ! ... ماذا بك يا عزيزي ؟!!
- لقد كانَ كابوساً !! ... وصحوتْ منه ! ... صحوتْ !!!